السبت، 24 أبريل 2010

في كهوف دراجوسان - تجربتي الشخصية

قرأت اليوم رواية من روايات أحمد خالد توفيق. كنت في الصغر أقرأ مثل هذه الروايات حتى سن 16 عندما انتهت سن الطفولة وبدأ بالنسبة لي سن تحمل مسئولية المستقبل. الثانوية العامة: سنتان من الصداع والمذاكرة والتنقل بين بيوت المدرسين .. أذكر في هذه السن من كثرة حبي للقراءة كان أبي يعاقبني بأخذ الروايات مني حتى انتبه للدراسة. كان لعب الكرة في ساعات العصاري أو الخروج أيام الخميس غير ملهي عن الدراسة بالنسبة لي ولهم.
المهم إنها كانت رواية رائعة .. أول مرة القارئ يختار مصير الأبطال. كان هذا أفضل ما فيها .. الاختيار .. كانت الرواية كإنها الحياة كما اتصورها واتصور كل الناس فيها .. كالمتاهة ذات الطرق المتعددة .. طريقان .. ثلاثة .. عشرة .. ثم كل شخص يقف ويختار وفي النهاية يجد ما يستحق! يصل الشخص لمصيره على قدر ما يتحلي من ذكاء وشجاعة وصبر .. وربما حظ!
بدأت القصة بعنصر مهم من عناصر روايات الرعب: الغموض .. الخوف .. كهوف مغلقة من مئات السنين .. حكايات أهل القرية عن شعب يخرج من هذه الكهوف يقيمون احتفالات همجية يشاركهم فيها الشياطين على حسب كلام الناس. ثم يأتي البطل - لو كان فعلاً بطلاً - ويأتيه صحفي أسكتلندي ويقترح عليه دخول الكهوف. ثم يدخلون .. يمشون قليلاً ثم نجد مفترق طرق .. ممر أيمن وممر أيسر. ماذا تختار؟ الممر الأيمن دخله من قبل الصحفي الذي كان يبدو عليه من كلامه الغباء .. والأيسر مجهول للأثنين. أخترت أنا الممر الأيسر. لم يكن لدخول الممر الأيمن بالنسبة لي أي أضافة. تكرار حتى لو كان يبدو على الصحفي الغباء وأنه من الممكن إيجاد شيء جديد. كان يوجد باب يبدو أنه سينهار لو عبرناه .. اخرت ساعتها العبور لأني كنت أعرف من البداية أنه يوجد مخرج من الناحية الأخرى -كالمعتاد.
ثم كان هناك أبواب أخرى اخترت عبورها حتى النهاية .. وكانت النهاية غرفة واسعة بها جرذان ليست بجرذان .. ثم تابوتان مغلقان. ثم ظهر الحكيم العجوز ذو الصوت العميق .. قال كلامًا كثيرًا عن ضرورة الاختيار قبل فتح الصندوق وعن التحلي بالحكمة والشجاعة وإن أحدهما فيه الهلاك والثاني فيه المعرفة والخلاص وإن أصحاب القلوب الضعيفة لم تكن لتفتح الصندوق الصحيح. المهم اعطاني الكاتب بعض المفاتيح .. عرفت أن أول صندوق به الكثير من الجرذان التي تندفع خارجه وإنه يبدو عليه التهالك .. والثاني محكم الإغلاق ولا يبين منه شيء. فكرت في كلام الحكيم ووجدت إن فتح الصندوق ذو الجرذان ربمًا يكون هو الصحيح .. فُتح البطل الصندوق الأول ذو الجرذان ووجد فيه هيكل عظمي لجثة عليها درع مكتوب عليها أنه يجب عليه حرق أحد التابوتين .. وإن حرق أحد التوابيت سوف ينهي لعنة الكهوف .. وإن على البطل أن يرمي الدرع كما ترمى قطعة النقود .. ملك أو كتابة وأن حظه سوف يقوده للصندوق الصحيح .. أو الخاطئ!
فأخرجت، أنا القارئ، قطعة النقود من جيبي ورميتها ... وكانت النتيجة هي حرق الصندوق الأول الذي كان فيه الجثة والدرع ... ثم حدث الأحداث .. في الرواية!
ربما يكون هنا القدر الكافي الذي يمكنني أن احكيه وإلا حرقتها على من لم يقرءها ويريد قراءتها .. في الرواية 48 نهاية كما زعم أحد القراء على أحد المنتديات .. وأنا حتى الآن لم انتهي من كل النهايات ..
ما اعجبني في الرواية هي مسألة اهتم بها كل الفلاسفة والحكماء من أول الزمان .. الاختيار وضرورة أن نختار وأن نكون سعداء بالاختيار حتى لو كان خاطئًا؛ فالحرية لها ثمن في النهاية.
ويوجد في الرواية شرح بسيط لنسبية أينشتاين .. السلحفاة قد تبدو من الخالدين بالنسبة لذباب مايو.. فذباب مايو يُولد ويعيش ويموت في يومين فقط بينما تعيش السلحفاة أكثر من مائة وربما مائتي عام. احسبوا الحسابات وقارنوا!

رابط تحميل القصة

الثلاثاء، 20 أبريل 2010

القيمة

قيمة البشر لا تُقاس بما يملكون من أموال أو ما يلبسون من ثياب إنما بما يقومون به من أعمال

***

عندنا العلم لا يكيل حتى بالبتنجان .. العلم يُلف به اللب وسندوتشات الفول والطعمية!

***

وما هي قيمة القراءة؟؟ (سألني أحدهم)

***

وما هي قيمة الحياة إذا لم نخض في الصعاب؟ ما هي قيمة الحياة بدون الشعور بالخطر؟ ما هي قيمتها إذا لم ننتصر على الصعاب؟

***

وما هي قيمة النصر بلا جهد؟

***

إذا اكلتها بالساهل يبقى عمرك ما هتتعلم حاجة ولا هتحس بقيمة اللي إنت عملته

***

لا أدرك حتى اللحظة لماذا يتهافت الناس على الذهب ويتركون باقي المعادن مع إن كلها تأتي من التراب .. لعلها حماقة من حماقات الأجداد نورثها جيل بعد جيل

***

ربما لا يعرف الكثيرون إن ألماس الذي هو أغلى من الذهب يخزن بكميات كبيرة جدًا ولا يُطرح في الأسواق حتى يبقى غالي الثمن لأنه لو طُرحت كل الكميات التي تُنتج لأصبح بخس الثمن

***

ما الذي يجعل الناس تتهافت على شيء ما؟ إنها الإعلانات في التليفزيون والمظاهر في الأفلام تجعلهم يشترون حتى الهوا في قزايز حتى لو كانوا لا يحتاجونه

***

شخص بلا معتقد، شخص بلا قيمة .. لغيره وربما لنفسه

***

عدو لا تحترمه .. عدو بلا قيمة!

***

الوقت بلا قيمة .. الوقت قيمته نسبيةسألوا أينشتاين!)

***

الذين يشعرون فقط بقيمة الشيء عند فقدانه لا يستحقونه

***

لقد أصبحت القيمة .. بلا قيمة! (أكيد في مصر)

الأربعاء، 14 أبريل 2010

في الشارع

كانت الشمس قد بدأ ضوءها يخفت ويختفي عندما كنت راجعًا إلى بيتي بالسيارة .. كنت شارد الذهن كالعادة على الرغم من ازدحام الشوارع بالناس في مدينتنا الصغيرة وقد اصبحت القيادة بالنسبة لي كالغريزة لا تحتاج إلى تفكير .. فذهني مشغول بأشياء أخرى. كنت مشغول بحركة الناس العشوائية في الشوارع وتسكعهم وتلكئهم وعدم اهتمامهم ببوق سيارتي أو حتى أنوارها كإنهم لم يعدوا يبصروا أو يروا. بشر وسيارات وعربات تجرها الحمير ودراجات وأطفال كلها في حيز واحد بلا نظام وبلا ترتيب؛ متداخلون متدافعون كل واحد منهم يريد أن يحتل الحيز الفارغ بلا نظام .. بلا ذوق!
كل فرد من هؤلاء صحا من نومه ثم خرج من بيته لكي يأتي بالذي يريده، أو بالذي يتوهم إنه يريده أو لكي يحصل على شيء أقتنع بأنه يحتاجه. فهل يمكن أن تكون هذه الفوضى، في الواقع، نظام؟ نظام الحصول كل فرد على مبتغاه لكي يشبع حاجته الأساسية أو حاجته المكتسبة (التي اقتنع بأنه يحتاجها على الرغم من أنه في الواقع لا يحتاجها). ربما إذا كان لدى أحد منا القدرة على مراقبة المشهد من الأعلى ورأي حاجة كل شخص والمسار التي يتخذه لكي يحصل عليها لأقتنع أن كل هذه الفوضى بها نظام.
ولكن هل يا ترى سأل أي أحد منهم نفسه لماذا يحتاج إلى شيء في الواقع ربما لا يحتاجه؟ لماذا يعمل بكل هذا الجهد؟ ما هو الدافع؟ الدافع هو أهم الأشياء للعمل، أنه الشعور الذي يسيطر على العقل بضرورة الحركة للحصول على الحاجة، هو الذي يدفع المخ لارسال الإشارات لكل عضلات جسدك للإنقباض لكي تتحرك للحصول على المراد. وعلى حسب هذا الدافع تتنوع وتختلف نتيجة الأعمال. فإذا كان الدافع دنيئًا رخيصًا أصبحت الأعمال قبيحة وهابطة وإذا كان الدافع عظيمًا ساميًا صارت الأعمال جميلة .. غالية.
ولم أجد من كل الدوافع ما يصلح لكي يشعل الإنسان رغبةٌ في العمل إلا الحب. حب العمل الذي يقوم به وليس حب المال الذي يحصل عليه. فإذا أحب الفرد عمله تصير الأيام ساعات والساعات دقائق. تصبح كل الأشياء متقنة وكل الأشياء جميلة. مثلما قال أينشتاين عندما سأله أحدهم عن أسهل شرح لنظريته النسبية قال له إن الزمن يمضي سريعًا عندما تكون بجوار محبوبتك ويمر بطيئًا عندما تكون يدك على صفيح ساخن.
ربما هذا شيء لم نتعلمه في حياتنا .. لم نتعلم أبدًا كيف نحب .. لم نحب عملنا لم نحب بلدنا لم نحب بعضنا البعض .. كلما مشيت في الشوارع ورأبتها قذرة متسخة أدركت إننا شعب لم يتعلم الحب. لا جمال ولا نظام. كل الأعمال رديئة. ألم نعد قادرين على العطاء الصادق؟ ألم نعد نثق في بعضنا البعض؟ هل كل ما نفعله أصبح دافعه الخوف أو الدوافع الكاذبة للحصول على أشياء لا نحتاجها في الواقع؟ لماذا لا نثق في قدرتنا على العمل سويًا ويفضل كل فرد العمل وحيدًا؟ هل هو وهم القيادة؟ الكل يريد أن يكون قائدًا .. لم نتعلم أنه لكي نكون قادة لابد أن نطيع قادتنا. بالطاعة يمكننا تعلم فن القيادة. لماذا يريد كل فرد فعل عكس الصحيح لكي يثبت استقلاله؟ أصبح الشعار لا تفعل الصحيح حتى لو كان للخطأ أضراره .. منتهى الغباء .. منتهى الحماقة!
ولأن بعضنا لم يتعلم في طفولته كيف يكون حرًا كبر ورفض الحرية .. الحرية تعني القدرة الذاتية لاتخاذ القرارات المتعلقة بالشخص متخذ القرار دون الإضرار بالأخرين، ثم تحمل مسئولية هذه القرارات التي ربما تكون خاطئة. لم يتعودوا أن يتحملوا مسئولية قراراتهم الخاطئة. يريدون أن يكونوا منقادين لكي يجدوا شخص ما لكي يلوموه. وإذا لم يجدوه لاموا الشيطان الذي ربما لن يكون موجودًا في الوقت المناسب لكي يتحمل مسئولية وسوسته!